جريدة الخبير

مواويل عربية

Image 6

النهضة :  البريق … الفشل … السقوط

حين هدأت الثورة : و استقام الأمر بطرد آخر رموز النظام محمد الغنوشي و حل محله السيد الباجي توهمت الأكثرية أن الثورة أنهت كل جهادها و أن وقت التحضير لانتخابات تأسيسية تؤسس لنظام ديمقراطي حر و سعيد و تضع دستورا للبلد يكون دستورا مدنيا متين القوائم و كان رجل المرحلة لحظتها الباجي الذي تفانى في التحضير و التجهيز .

البريق

لم يكن في البلاد التونسية و في الشعب أسعد من حركة النهضة بالانتخابات فهي حركة أوجدت لها مساحة كبيرة لدى الشعب من العطف و الشفقة و خاصة أن قياديها عرفوا كيف يخاطبون الشعب و يدغدغون أحلامه في الحرية و الكرامة و العيش السعيد و يقوّون خطابهم بمسحة دينية وسطية و كانوا ينشرون وجعهم على مشاعر الناس يذكرونهم بعذابهم و سجونهم و نفيهم و كل ذلك في « سبيل الله و الشعب و الوطن « صدّق الشعب الكثير من خطاباتهم والتفّ حولهم و آمن ببرنامجهم و جاء يوم 23 أكتوبر و كانت النهضة متأكدة من نجاحها و انتصارها لأسباب كثيرة أهمها ضعف كل المنافسين و تعاطف الشعب معهم و تأييد الخارج لها .

الفشل

أصبحت النهضة في يوم و ليلة القوة النافذة في البلاد و انبرت تختار من يرافقها في الحكم و ترفض من تشاء تملؤها نشوة الفوز « و من حيث لا تدري سقطت سقطتها الأولى حيث أبعدت العريضة و راحت تبحث عن ائتلاف مشوه التوجه مشلول إرادة التنفيذ ضعيف التوافق ائتلاف ثلاثي الأضلاع في غير استقامة . ركنت رأس المؤتمر في قرطاج لا يملك من الأمر شيئا و وضعت رأس التكتل رئيسا لمجلس تأسيسي منتخب أكثر أعضائه ليس لهم دراية لا بالسياسة و لا بالقانون التشريعي و لا التنفيذي و استحوذت هي على الحكومة و عينت رجلا منها على رأسها و هو رجل على صدقه و اخلاصه لا دراية له بالسياسة و لا قيادة الشعوب و لا يملك الخبرة الكافية لإدارة بلد مازال في حالة ثورية و لو أنها هدأت قليلا و زاد في خطئه و خطأ حركته أن وزع المناصب بصفة فيها الكثير من المحاباة و المكافأة متناسيا أنه على رأس بلد فقد نصف صناعاته و عطلت في بعض الجهات نهائيا و تفككت مفاصل الإدارة فيه و لم يبق تقريبا قائما إلا مؤسسة الجيش الوطني و كانت المصيبة حيث عين على رأس وزارة الداخلية علي العريض و هو رجل و الحق يقال حاول بكل جهد أن يصلحها فأفسدها و خدم نظاما و انفلتت مقالدها من يديه و فعل فعله              « البحيري « في وزارة العدل و لا يمكن أن يذكره أحد بخير و هو يرأس وزارة سيادية و لا يذكر له إلا تجميده أكثر من 70 قاضيا من غير تهمة و لا قضية و تخطى أحكام المحاكم العليا و النكبة الكبرى في تعيين موظف قطر و الصهر المدلل على رأس وزارة الخارجية التي كانت في أمسّ الحاجة إلى رجل قوي يملك من الخبرة و المعرفة ما يخول له قيادتها في الخارج بحكمة و صلابة إلا أن صاحبنا كان نجيبا في طرد سفير سوريا و عقد مؤتمر أصدقائها في تونس بإيعاز من قطر و لم يغادر الوزارة إلا بفضيحتين أخلاقية و مادية هؤلاء الفاشلون جازتهم النهضة بالترقية.

 فشلت في كل شيء في إدارة البلاد إقتصاديا و سياسيا و لم تنجح في أي أمر حشرت أعوانها في كل المؤسسات و عينت الولاة و المعتمدين و في الإدارات العامة محاولة بذلك أن تؤسس لقاعدة شعبية عريضة فلم تفلح و غظت على روابط حماية الثورة و لكنها انكشفت و حالفت أنصار الشريعة سرّا و علانية ثم اتهمتهم بالارهاب و تبرأت منهم و أخيرا تكاد أن تستسلم أمام المعارضة فتحل الحكومة و تتخلى عن رئاسة الحكومة غير مأسوف عليها .

السقوط

داخليا : النهضة فشلت في كل شيء و اتهمت بكل شيء و لم تنجز شيئا يشفع لها عند الشعب و تخلت عنها معظم قواعدها و هذا أمر تأكدت منه بعد زيارات ميدانية و لقاءات شعبية و أصبح الشعب يراجع نفسه و يسأل من هي النهضة و ماهو نضالها و ماهي مواقفها التارخية و لم يعد يذكر لها إلا أعمالا ارهابية نسبت لها و إن كان قد سجن بعض أفرادها فهذا أمر لا يميزهم على غيرهم فأكثر المعارضين سجنوا و عذبوا و لعل الأفضل من قاوم و ناضل و لم يلجأ إلى الغرب

عربيا : إن النهضة تكاد تخسر كل نصير لها في الوطن العربي فأقوى قوة مادية و عربية تعاديها جهرا و تحمي عدوها اللدود و قطر المساند الرسمي انكفأ على نفسه و تبين له فشلها و عدم قدرتها على السيطرة و إخوان سوريا انكشفوا كإرهابيين من الصنف الأول و أما إخوان مصر فقد انكسرت شوكتهم و عادوا إلى طبيعتهم الارهابية و فرّوا إلى سينا يحملون السلاح و الجزائر الشقيقة الكبرى و الجارة اللازمة و لا تنظر إلأى النهضة بارتياح و تركيا فهي شأن آخر …

دوليا : الغرب ورطّ الإخوان حقيقة و زيّن لهم الحكم و سهل عليهم السلطة ثم تخلى عنهم لغاية في نفسه و كشف ظهورهم و رفع عنهم الغطاء و تركهم يواجهون شعوبهم و هو يفرك يديه ارتياحا فحلم الشعوب العربية في الإخوان سقط في دائرة اليأس منهم و الحقد عليهم ….

لم يبق إلا السؤال الأخير :   ما المصير…؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *