جريدة الخبير

سمير بشوال:مستشار إقتصادي :التهريب خطر يهدد أمن و حياة المواطن التونسي

يعتبر التهريب مشغلا أساسيا لكل الناس، خاصة و أنه استفحل كثيرا بعد الثورة، و ذلك في إطار التسيب العام.. و يكفي أن ننظر اليوم لأسواقنا الأسبوعية، أين نجد كما هائلا من السلع المهربة و المعروضة للبيع، و نجد نفس الشيء على مواقع التواصل الإجتماعي التي تتاجر في المواد و السلع المتأتية من التهريب. علما و أن هؤلاء لا يدفعون الأداءات، و لا يخضعون للرقابة أو سلامة المنتوجات… و بهذا انتقل الإنتصاب الفوضوي من ناصية الطريق إلى الحاسوب، لنجد أسواقا منتصبة على مواقع التواصل الإجتماعي!! فأين المراقبة؟ خاصة و أن أولئك التجار يرفقون السلع التي يبيعونها بأرقام هواتفهم الشخصية، مع توفير إمكانية إيصال البضاعة إلى يدي الحريف!! فأين المراقبة لكل هذه التجاوزات؟ لماذا لا نتفحص على الأقل المصادر التي تأتي منها هذه البضائع؟

إن التهريب في حد ذاته ليس إشكالا، بل نخشى أن تكون السلع المهربة خطيرة على حياة من يبتاعها.. فماذا لو انفجر جهاز ما في وجه من اشتراه قصد الإستعمال؟ كما يمكن أن تتسبب إحدى هذه الأجهزة في احتراق منزل، كما يمكن أن تمثل خطرا على حياة الأطفال… فمن المسؤول عن كل هذا؟ و أين ضامنو سلامة المواطنين؟ و لكم أن تسألوا الخبراء عن الإطارات المطاطية التي تدخل البلاد عن طريق التهريب، بدون رقابة و بدون تثبت من جودة تلك السلع و سلامة استعمالها… خاصة و أن هذه الإطارات المجهولة المصدر و المهربة ساهمت بشكل كبير في كثرة حوادث الطرقات. في حين أن لنا صناعة وطنية، تستجيب لكل مواصفات الجودة العالمية، فلماذا لا يتم استهلاك هذه الإطارات المصنوعة بدقة و جودة عالية في تونس؟

التهريب اليوم خارج تماما عن السيطرة، و بالتالي يجب الإعتناء أكثر بهذا الموضوع لأنه مصدر لخطر كبير، يهدد سلامة مواطني هذه الدولة، و ارتفاع عدد حوادث الطرقات خير دليل على ضرورة التصدي للتهريب و الحد منه حماية للأرواح البشرية.

قانون الصرف معطل للتجارة الخارجية

يملك قانون الصرف العديد من الأبعاد، و لنا في تونس العديد من القوانين التي تسن لغرض محاكمة النوايا، أي إننا نحاكم نوايا المستثمر. و الأكيد أن قانون الصرف في تونس، في جانبه المتعلق بإمكانية استعادة المستثمر لأمواله لا يشكو من أي وهن أو نقص. و لكن يكمن الإشكال في تحول هذا القانون إلى عائق أمام التصدير. و يعتبر التصدير القاطرة الحقيقية و الرئيسية، لدولة ذات اقتصاد صغير كتونس. هذا و يتفق مجمل خبراء البلاد على أن تونس لن تنجو من مآزقها المالية إلا في حالة وضع إستراتيجية وطنية واضحة لاقتحام الأسواق الخارجية، من أجل التصدير بشكل ممتاز. و لكن للأسف نجد أن قانون الصرف و قانون تبييض الأموال و مقاومة الإرهاب لسنة 2015 قد زادا الطين بلة.

كما تمثل مسألة التجذر في الخارج مشكلة كبيرة، إذ لا يمكن للبائع أن يبيع سلعه إلا إذا كان متواجدا بصفة شخصية في الخارج، و عليه لا يمكن فعل كل شيء بالطرق الرقمية، لأن هناك أسواقا لا تتعامل بالرقمنة، و تشترط الوجود الجسدي للمستثمر. و من أجل التجذر بالأسواق الخارجية و الإستثمار فيها يشترط على المستثمر على الأقل سنتان أقدمية، و لكن ماذا عن المستثمر الذي يسعى للتجارة الفورية؟ لذلك يجب دراسة مثل هذه المسائل من جانب العائدات، أي الأموال التي ستعود إلى الدولة، حيث يحق للدولة أن تطالب بمثل هذه العائدات من المستثمر الذي تراقبه في كل خطوة يقوم بها..

كذلك لدينا مشكلة تتعلق بخلاص المستثمر عن عملية تصدير موجهة نحو دولة تعاني من بعض الإشكاليات على مستوى الترتيب في تبييض الأموال. و ليس هذا فحسب بل يمنع المواطن التونسي من اقتناء ممتلكات خارج تونس، حتى و إن كانت أمواله سليمة و غير مشبوهة!

من ناحية أخرى نجد أن جوهر التجارة الخارجية هو التصدير، و بالتالي يفترض بالمجلس الأعلى للتصدير أن يقدم جملة من الإقتراحات العملية في هذا الإطار، من أجل تغيير القوانين. و لكن المجلس في فترة الثلاث سنوات منذ أن تم بعثه لم يأتي بأي جديد، ذلك أن كل قراراته يتم تأجيلها مثل قرار مشروع الخط البحري و غيره…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *