جريدة الخبير

دونالد ترامب: مفاجآت لا تنتهي.. و بوادر تأسيس حزب جديد 

بعد أن سعى بكل الطرق المشروعة منها و غير المشروعة، إلى تغيير نتيجة الإنتخابات لصالحه، ها هو اليوم يرفض الحضور لحفل تنصيب “جو بايدن” رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية.
و كانت فترة ترامب الرئاسية جحيما على العالم و على أميركا نفسها. فترة شهد فيها العالم اغتيالات علنية و تهديدات بحروب نووية… حيث تقوقعت الولايات المتحدة على نفسها، و انفصلت عن العالم بحثا عن المجد و التألق كنجم وحيد في سماء هذا الكون. إلا أن سياسة ترامب الخشنة و المتعالية، لم تنجح في جعل نجم أميركا يسطع، بل يشهد العالم بأن أعدائها و كارهيها قد تضاعفوا.
أما في الولايات المتحدة نفسها، فلم يقدر ترامب على إدارة أزمة كورونا، التي نهشت البلاد و قَتّلَت العباد مخلفة ما يقارب ال400 ألف جثة، من ما تسبب في إضعاف الدولة. أما حادثة اقتحام الكنغرس فقد ضربت بعمق الديمقراطية الأمريكية، و ضربت بمبدأ الإنتقال السلمي للسلطة عرض الحائط. فبدل أن تكون أميركا البلد المصدر للديمقراطية و القيم السياسية الناجحة و الناجعة، أصبحت مقرا للفوضى و الصراعات و الإنشقاقات… هذا و يرى آخرون أن الرئيس الأمريكي المنقضية ولايته، كان قد قدم لأميركا العديد من الخدمات الجليلة، و التي لا يمكن بأي شكل من الأشكال التغاضي عنها، خاصة و أنه قد جعل الأمريكيين يعيشون بأمان أكثر، من خلال التعزيزات العسكرية، و الزيادة في رواتب أفراد الجيش، و مزيد نشر القوات المسلحة داخل الدولة و من حولها.. زد على ذلك أن سياسة ترامب قد كانت موجهة أساسا لخدمة مصالح الأمريكيين دون غيرهم، ليتم على ضوء هذا استجلاب القوات العسكرية المنتشرة خارج أميركا، و تركيزها داخل البلاد لتسييجها أمنيا، و حمايتها من أي خطر خارجي يتهدد أمنها الداخلي.. كما تعتقد فئة من الأمريكيين أن ترامب قد قضى على تنظيم داعش الإرهابي، و قائد فيلق القدس قاسم سليماني، و ما هذا إلا حماية لأميركا و الأمريكيين. كما يشيد هؤلاء بأن رئيسهم كان له الفضل الكبير، في المصالحة بين اسرائيل و عدد من البلدان العربية، كما نجحت سياسة ترامب في تقليص نسبة البطالة، و مزيد فرض احترام الدستور و الممارسات الدينية… و لكن هذه الممارسات التي يذكرها و يعددها أنصار ترامب، دائما ما تُرَى من قطبين متضادين، فمن جهة كان هناك سعي لفرض احترام القانون و حقوق الإنسان و الديانات و غيرها… و من جهة أخرى رأينا ترامب و هو يغتال و يقتل، و يقصي ديانات و أفكار و يتبنى أخرى.. و حتى مسألة التطبيع تظل غامضة و مستترة، إذ لا نعلم إجراءاتها الخفية، فلربما تكون الدول التي وافقت على توقيع اتفاقيات مع اسرائيل، قد كانت مجبرة على ذلك، تحت تهديد أقوى دولة عسكرية في العالم، فإما القبول و التطبيع، و إما التهديد و الإقصاء. أما اليوم فينتهي جزء كبير من هذه الكوابيس المرعبة و ذلك بانتهاء ولاية الوحش ترامب الذي مزق أميركا و العالم، رافضا في آخر يوم له توديع الشعب الذي حكمه لمدة أربع سنوات بما يليق به، مترفعا عن تسليم شارة الحكم بما يؤسس له النظام الديمقراطي من الأخلاق السياسية الرفيعة، التي أُهِينت في عهد ترامب إلى أقصى الحدود. هذا و تلوح في الأفق بوادر حزب جديد، قد يتم تأسيسه و إرسائه على يدي الرئيس المغادر للبيت الأبيض، و المهدد بفقدان دعم الحزب الجمهوري، الذي كان سندا له قبل و أثناء و بعد الإنتخابات.. فقد يميل الجمهوريون إلى التصويت ضد ترامب ليتم في نهاية الأمر محاكمته و الحكم عليه، فيُحرَم في نهاية المطاف من فرصة الترشح مرة أخرى للإنتخابات الرئاسية، و هذا ما دفعه إلى بحث فكرة إنشاء حزب سياسي جديد، ليستمر بذلك تأثيره حتى بعد مغادرته لكرسي الرئاسة، و قد شاعت مؤخرا أخبار، تفيد بعزم ترامب على تأسيس حزب اختار له تسمية “الحزب الوطني” و الجدير بالذكر أن الجمهوريين أنفسهم مختلفون في فيما بينهم، إذ انشطروا إلى قسمين، قسم لا يزال مؤيدا لترامب، و قسم تخلى عنه تماما، إلى حد لومه على التحريض الأخير لأنصاره الذين اقتحموا مبنى الكابيتول. لا تزال فكرة تأسيس هذا الحزب ضبابية و غير ملموسة، و لكن هذه الخطوة من شأنها أن تبقي ترامب بالقوة التي عهدناه بها، و هذا شيء قد يقلق راحة الرئيس الأمريكي الجديد، و أميركا كلها من ما يجعلنا نفكر أو نستشرف أن بدعة ترامب ستواجه معارضة شديدة، تحول دون ظهور حزب جديد في الساحة السياسية الأمريكية.
بلال بو علي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *